الفصل الأول: موقع الفكر في منهج الأستاذ كولن
فهرس المقال
- الفصل الأول: موقع الفكر في منهج الأستاذ كولن
- في أبستمولوجيا الفكر الحركي
- الفكر الإيماني
- الفلسفة الفكرية لدى كُولن
- الدين ومخاطر الوقوع في الفكر الدوغْمائي
- بين الدين والأيديولوجية
- مقومات فكر كولن
- التراث الإسلامي وأصالة الاقتراب العقلي
- قراءة في فكر كولن
- فكر الآلية، وفكر التمرس
- مكانة الفكر في رؤية كولن
- الأهداف والغايات التي سدد نحوها كولن
- الإرث القدسي المتوارث
- كولن وحديثه عن أمة القرآن
- جميع الصفحات
قراءة في فكر كولن
لا تتحقق النهضة -بنظر الأستاذ كولن- إلا على مخطط علمي واستراتيجي مُحكم، ولا تتحدد الاستراتيجية إلا على أرضية من فكر مستنير رسخت قناعاته، واستقرّت دعائمه، وتوطدت خياراته، واستكمل مقومات تعبئته وانطلاقته في اتجاه تنفيذ الأهداف المتوخاة، وبلوغ الغايات المراهن عليها.
لن يكتب النجاح لأي استراتيجية ما لم تكن تستند على فكر محصَّف، وعزيمة قاطعة، وتصميم متبصر في الرؤية والتوقعات. ولكل فكر خلاَّق احتياطٌ من المعارف والقيم والضوابط تجنبه العُطلة، وتتجاوز به الطوارئ والعوائق وحوادث الطريق. ولا تتمايز الأعمال الناجزة، والمهام النافدة، إلا بالتخطيط المحكم الذي تتم فيه. وكل صرح مادي أو معنوي استكمل بنيته، واستوى على دعائم الكمال، لا يولد إلا في كنف تفكيرٍ سديد، وتَرَوٍّ قويم.
تلك هي بعض المبادئ والأبعاد التي يرتكز عليها فكر الأستاذ كولن. وقبل أن نستمر في تجليتها، علينا أن نتساءل: ما الفكر؟
الفكر كما يستشف من كتابات الأستاذ كولن هو القوّة المعنوية التي يصرفها الفرد لأجل تمَثُّل الوقائع الذهنية وتوليدها، وفقه المسائل الحياتية واستنباط قواعد تدبيرها، وتخيل الوضعيات الوجودية حاضرها ومتوقّعها، وتهييئ أسباب تكييفها. إنه الفاعلية العقلية التي نواجه بها الحياة في أبسط مستوياتها وفي أعقد استشكالاتها على سواء، فنديرها على نحو بناء.. بل إن الفكر هو الكفاءة التي تنشأ للفرد عبر مراحل تَدرُّجه في العمر، وتَمَرُّسِه بالتلْقينات والتجارب، حيث يكتسب من أسباب التمهُّر العقلي والمراس التطبيقي ما يُمَكِّنه من التحكم في شؤون حياته ومجتمعه، والسير بها على منحى من الإيجابية بصورة يتوطد له معها الرّضى والإيجابية.
ولما كان الفكر شُعَبَا شتَّى، وديناميات متباينة، كان المردود المتولد عن كل صنف من هذه الشعب متفاوتًا، نوعًا وكمًّا.
قد يتأطَّر الفكرُ بحدود ضيّقة، فيُركِّز على المنافع الشخصية والمطالب الذاتية (ومنها المطالب الأسرية)، وتلك هي حال فكر وتفكير العامة والعموم. وقد يتأطر الفكر بهموم جمعية وانشغالات إنسانية مصيرية، وهو عندئذ فكر الخاصة والرموز، وتفكير الصفوة والفرديات.
- تم الإنشاء في