الفصل الرابع: فتح الله كولن وفلسفة البناء بلا عنف
فهرس المقال
- الفصل الرابع: فتح الله كولن وفلسفة البناء بلا عنف
- التأسيس للحراك والنهضوي المعاصر
- دور المثقف في النهضة
- إستراتيجية اللاعنف
- اختيار الأطراف ذات القابلية للتحاور
- الدولة، القائد، الأفراد والبناء الحضاري
- فقه الحضارة
- الأسس الإنسانية في الإسلام
- مصادر العزة والبعد الروحي
- تحرير الإنسان في الإسلام
- سمات النموذج الحضاري الإسلامي
- الفواعل والطلائع.. قادة الفكر والروح
- المحركات والدوافع
- أسس الرؤية الحضارية لدى كولن
- مركزية الدين في الإصلاح
- الهياكل والقيادات
- نشأة كولن وتأثيرها
- أثر التخلية والعزوبة في كولن
- المصلحون والاحتراق الذاتي الدائم
- العقل الملهم وقادة الفكر
- رجال الخدمة ودورهم في البناء
- إستراتيجية قرن العلم بالدين
- تلافي الثغرات في المنهج والأداء والإنشاءات
- جميع الصفحات
تحرير الإنسان في الإسلام
إن مفهوم تحرير الإنسان في الإسلام لا يعني فقط تخليص البشرية من ظاهرة استعباد الإنسان من الرقّ الذي طالما استهدفه بسبب لونه، إن مفهوم الحرية الإنسانية في الإسلام يتسع فيشمل صون الآدمي من كل وضع تنقهر فيه النفس البشرية، وتُسَاس بما لا يحتمله الحسّ السليم والوازع الفطري السوي، فتحريم الإسلام للزنا مثلاً، إنما هو حماية المرأة من شرّ ما تُسَام به من هتك، وهي تبيع عرضها و(تأكل بثدييها)[17]، لكن الحضارة المادية، وباسم الحرية الشخصية، شرعت للبغاء ومكّنت أن يُشهَّرَ عنه في أكثر مدن وحواضر العالم.. والأمر يقال عن الخمر؛ إذ المدمن فردٌ مستلَب، عبدٌ لداء نفذ فيه، داء يُعَدُّ المجتمعُ عنه مسؤولاً حين رخََّص للمسكر، و«كلُّ مُسْكر حَرام»[18] أن يسوَّق، وأن يتعاطاه الناس بلا مانع.
وقل مثل ذلك عن آفات القمار، وألوان السمسرة، والاحتكار، و.. أليس عالم الحضارة المادية هو الذي يعدم سنويًّا الفوائض التي لا تُحصى من النعم والمنتجات، إبقاءً للسعر عاليًا.. أليس هو الذي يحتكر ترخيص التصنيع في المجالات الحيوية كحقل صناعة الأدوية، توفيرًا للدواء الذي تعجز عن دفع ثمنه البلاد الفقيرة لصالح شعوبها؛ لأن دوائر الاحتكار العالمي ترى في هذا الترخيص حدًّا لابتزازها من الكسب الشَّرِه؟!
لهذا وغيره، يرى كولن أن الحضارة المنتظرة التي سيؤسس لها النهوض الإسلامي الراهن، ستعمل بلا هوادة على علاج كل هذه السلبيات التي تُرهق في الإنسان إنسانيته، وتُخرجه عن سَوِيته؛ لأنها آثام في حقيقتها مناقضة لجوهر الطبيعة الإنسانية المهيأة للخير والرشد، فالشر والظلم ليس من الفطرة السليمة، ومسؤولية الإنسان أن يتمرس بالخير، تساميًا إلى منزلة التكريم التي خصَّ الله بها الإنسان.
إنها آثام وتعديات شاذة، تبرّرها فلسفة نابعة من فكر لا أخلاقي، أو بالأحرى لا ديني، بعيد عن روح الرحمة والتشارك، أدى إليه التحلل من أحكام السماء، وسوّغتها الاستنامة إلى أحكام الإنسان المحادد لله، الباغي في الأرض، المنكِر لقوانين الروح والغيب.
- تم الإنشاء في